لماذا يمتلك الرجال حلمات؟

الحلمة الذكرية هي تشكيلة جلدية صغيرة توجد في منطقة الثدي لدى الرجال، وتكون عادة موجودة في المنتصف أو قرب المنتصف من الصدر، وتُعدُّ جزءاً طبيعياً من التركيب الجسدي للرجال، ومع ذلك قد يشعر بعضهم بالقلق أو الاضطراب عند اكتشافها؛ لأنَّها غير مألوفة وتشبه الحلمة الموجودة عادة لدى الإناث. 



مع أنَّ الحلمة الذكرية غالباً ما تكون بسيطة ولا تُسبِّب أية مشكلات صحية، فقد تحدث حالات نادرة تتطلب التحقق منها من قبل مختصين في الرعاية الصحية، وقد تكون الحلمة الذكرية أكبر حجماً من حلمات الثدي الأنثوية الطبيعية، وقد يكون لها لون الجلد المحيط بها نفسه أو أغمق بدرجة بسيطة.

توجد عوامل عديدة قد تُسبِّب ظهور الحلمة الذكرية، ومن ذلك التغيرات الهرمونية في جسم الرجل، وقد تظهر هذه التغيرات في فترات مختلفة من مرحلة النمو والتطوُّر الجنسي، وتختلف بين الأفراد، وعموماً لا يُعدُّ وجود الحلمة الذكرية مؤشراً إلى أية مشكلة صحية.

استشر الطبيب في حال قلقت بشأن وجود حلمة ذكرية، فقد يُجري لك فحصاً بسيطاً للتحقُّق منها وتوضيح المخاوف التي قد تكون لديك، أو قد يستمع إلى التاريخ الطبي لفهم الحالة فهماً أفضل وتحديد ما إذا وُجِد أي سبب للقلق أو التدخل الطبي.

لماذا يمتلك الرجال حلمات؟ 

لدى الرجال حلمات لأنَّ كل الأجنة البشرية تتطور بطريقة مماثلة خلال المراحل المبكرة من الحمل، ففي الأسابيع القليلة الأولى من نمو الجنين، لا تكون الأعضاء التناسلية والبنى الجسدية الأخرى قد تمايزت بعد على أساس جنس الفرد، وفي هذه المرحلة، لدى كل من أجنة الذكور والإناث القدرة على التطور إلى أي من الجنسين.

يبدأ تطوُّر الحلمات قبل تمايز الأعضاء التناسلية، وتتشكَّل الحلمات على شكل ارتفاعات صغيرة على الصدر، ولا تبدأ الهرمونات الجنسية التستوستيرون للذكور والإستروجين للإناث إلا بوقت لاحق من عملية التطور وتُملي تطوراً إضافياً للأعضاء التناسلية.

يؤدي وجود هرمون الإستروجين في حالة الإناث  إلى نمو أنسجة الثدي، وتصبح الحلمتان جزءاً من بنية الثدي الأنثوية، أما عند الذكور، فيثبط التستوستيرون نمو أنسجة الثدي؛ لكنَّ الحلمات نفسها تبقى كما هي بالفعل قبل حدوث تمايز الهرمونات؛ لذلك لدى الرجال حلمات؛ لأنَّ التطور الجنيني المُبكِّر يتشارك فيه الجنسان قبل التمايز الجنسي، وتكوين الحلمات يسبق تطوُّر الأعضاء الجنسية.

وظيفة الحلمة الذكرية:

تعمل الحلمة الذكورية في المقام الأول بصفتها بنية أثرية، وهذا يعني أنَّها بقايا سمة كانت لها وظيفة أكثر أهمية في ماضينا التطوري؛ لكنَّها فقدت هدفها الأصلي بمرور الوقت كما ذكرت سابقاً، فيتبع كل من أجنة الذكور والإناث مُخططاً مُشابهاً قبل حدوث التمايز الجنسي خلال المراحل المُبكِّرة من نمو الجنين.

مع أنَّ الحلمات أكثر وظيفية وحاسمة للإناث بسبب دورها في الرضاعة الطبيعية وتغذية الرضع، فإنَّ حلمات الذكور لا تؤدي دوراً مباشراً في الإنجاب أو الوظيفة الجنسية، ومع ذلك توجد بعض النظريات والوظائف الثانوية المحتملة المُرتبطة بحلمات الذكور:

1. التطوُّر الجنيني:

تتطوُّر الحلمات كما ذكرنا من قبل في جميع الأجنة قبل التمايز الجنسي، وهذه سمة مشتركة بين جميع الثدييات، وليس البشر فقط، وهذا يشير إلى أصلها التطوري العميق الجذور.

2. الحساسية:

يمكن أن تكون حلمات الذكور حسَّاسة للمس، على غرار حلمات الإناث، ويجد بعض الرجال أنَّ تحفيز الحلمة أمر ممتع في أثناء النشاطات الجنسية.

3. الأسباب الجمالية والنفسية:

تُعدُّ الحلمات سمة مميزة لجسم الإنسان تساهم في مظهره العام، وقد يخدم وجودها أيضاً أغراضاً نفسية وثقافية؛ إذ تُعدُّ خاصية جنسية ثانوية مرتبطة بالذكورة.

4. تحفيز الحلمة:

اقترحت بعض الدراسات أنَّ تحفيز الحلمة لدى الرجال يمكن أن يؤدي إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وهو هرمون مرتبط بالارتباط والمشاعر الحميمية.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهم المشاكل الصحية التي يصاب بها الرجال

هل توجد فائدة من وجود الحلمات عند الرجال؟ 

في حين أنَّ حلمة الرجل لا تؤدي وظيفة إنجابية أو فيزيولوجية أساسية كما تفعل عند الإناث، فقد توجد بعض الفوائد المحتملة المرتبطة بوجود حلمات للرجال:

1. التحفيز الحسي:

يمكن أن تكون الحلمات، بصرف النظر عن الجنس، حسَّاسة للمس والتحفيز، وقد يجد بعض الرجال أنَّ تحفيز الحلمة أمر ممتع في أثناء النشاطات الجنسية، وهذا يساهم في تجربتهم الجنسية عامة.

2. الأسباب النفسية والجمالية:

الحلمات سمة مميزة لجسم الإنسان، ووجودها يمكن أن يساهم في جماليات منطقة الصدر، وبالنسبة إلى بعض الرجال قد يؤدي وجود حلمات إلى تحسين صورة الجسم وتقدير الذات.

3. الترابط والحميمية:

كما ذكرنا سابقاً، يمكن أن يؤدي تحفيز الحلمة عند الرجال إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين، والذي يُشار إليه غالباً باسم "هرمون الحب" أو "هرمون الترابط"، ويرتبط الأوكسيتوسين بمشاعر الحميمية والترابط والتواصل الاجتماعي.

4. الأعراف الثقافية والمجتمعية:

يُنظر في الثقافات المختلفة إلى وجود الحلمات للرجال على أنَّه جانب طبيعي من تشريح الإنسان، وغالباً ما تُشكِّل المعايير والتوقعات الثقافية تصورات الجسد، وتؤثِّر في  المواقف الفردية تجاه المظهر الجسدي.

5. الأثر التطوري:

في حين أنَّ الحلمة الذكرية قد لا يكون لها دور وظيفي مباشر في الرجال، فإنَّ وجودها هو من بقايا تاريخنا التطوري المشترك، ولا يزيل التطور بالضرورة السمات غير الضارة إزالة فاعلة؛ لذلك من المحتمل أن يكون استمرار حلمات الذكور بسبب عدم وجود تأثير سلبي كبير في اللياقة الإنجابية.

من الضروري إدراك أنَّ أهمية حلمات الذكور وتفسيرها يمكن أن تختلف اختلافاً كبيراً بين الأفراد والمجتمعات، وقد يقدر بعض الرجال حلماتهم من أجل المتعة الحسية والجماليات التي يقدمونها، بينما قد لا يفكر الآخرون كثيراً بها، وفي النهاية، يُعدُّ وجود حلمات للذكور جزءاً طبيعياً من تشريح الإنسان، وهذا يوضح الرحلة التطورية المعقدة لجنسنا البشري.

إقرأ أيضاً: 6 طرق طبيعيَّة لعلاج التثدي لدى الرجال

ما هو الفرق بين حلمات الرجال وحلمات النساء عند تطوُّر الإنسان؟

تستطيع أن توفِّر الاختلافات بين حلمات الرجال وحلمات النساء نظرة ثاقبة للتطوُّر البشري، ولا سيما فيما يتعلق بالتطوُّر الجنيني المُشترك والأدوار المختلفة لكل جنس في التكاثر والرعاية، وفيما يأتي بعض النقاط الرئيسة التي يجب مراعاتها:

1. التطوُّر الجنيني المشترك:

تتبع كل من أجنة الذكور والإناث مسار نمو مماثلاً خلال المراحل المُبكِّرة من الحمل، وتظهر الحلمات قبل التمايز الجنسي، بصفتها مُخططاً أساسياً لتشكيل منطقة الصدر والثدي، وهذا النمط التنموي المُشترك هو من بقايا تاريخنا التطوري؛ إذ تبدأ جميع الأجنة بإمكانية التطوُّر إلى أي من الجنسين قبل تولي الجينات والهرمونات الخاصة بالجنس.

2. الهياكل الأثرية:

تُعدُّ حلمات الذكور هياكل أثرية، وهي سمات تشريحية كان لها وظيفة أكثر أهمية في ماضينا التطوري؛ لكنَّها فقدت الغرض الأصلي منها بمرور الوقت، أما عند الإناث فتؤدي الحلمات دوراً حاسماً في الرضاعة الطبيعية وتنشئة الأبناء، لكن في الذكور، ليس لديهم وظيفة فيزيولوجية مباشرة.

3. الحفظ التطوري:

يميل التطور إلى الحفاظ على الميزات غير الضارة ، حتى لو لم تَعُد تؤدي وظيفة معينة، ومن المحتمل أن يكون وجود حلمات للذكور قد استمر طوال التطوُّر البشري؛ لأنَّه لا يؤثِّر تأثيراً كبيراً في اللياقة الإنجابية؛ لأنَّها ليست ضارة، ويُحتفظ بها عند الذكور بسبب تطورها الجنيني المشترك.

4. الاختلافات القائمة على الجنس:

في حين أنَّ حلمات الذكور والإناث متشابهة في التركيب، يمكن أن توجد اختلافات في الحجم والحساسية بسبب التأثيرات الهرمونية، ويؤدي هرمون الإستروجين، وهو الهرمون الأنثوي الأساسي، دوراً في نمو الثدي ويعزِّز حساسية الحلمة، أما عند الذكور فيمنع وجود هرمون التستوستيرون نمو أنسجة الثدي؛ لكنَّه لا يزيل الحلمات المتكونة بالفعل.

إقرأ أيضاً: التثدي عند الرجال: أعراضه، وأسبابه، وطرق علاجه

5. العوامل الثقافية والنفسية:

لا يقتصر التطور البشري على العوامل البيولوجية فحسب؛ بل يتأثر أيضاً في الجوانب الثقافية والنفسية، ويمكن للأعراف والمفاهيم الثقافية للجنس أن تُشكِّل كيف ينظر الناس ويفسرون وجود حلمات للذكور، في حين أنَّه ليس لديهم وظيفة مباشرة في الذكور، فإنَّ قبولهم الثقافي وتمثيلهم في الفن والإعلام والتوقعات المجتمعية يساهم في استمرار وجودهم.

متى يبدأ ظهور الحلمة عند الرجل؟ 

يبدأ ظهور الحلمة في الأجنة الذكورية في أثناء نمو الجنين المُبكِّر، وتتطوَّر الحلمات على شكل ارتفاعات صغيرة على الصدر في كل من أجنة الذكور والإناث قبل حدوث التمايز الجنسي، ويحدث هذا في الأسبوع الرابع إلى السادس من الحمل.

يتبع الجنين خلال هذه المرحلة مُخططاً أساسياً لتشكيل الهياكل الجسدية، ويُعدُّ تطوير منطقة الصدر، ومن ذلك الحلمتين، جزءاً من هذه العملية المُبكِّرة، ومن الهام أن نلاحظ أنَّ في هذه المرحلة، لم يُميَّز بعد بين أجنة الذكور والإناث على أساس الجنس، ولديهم القدرة على التطوُّر إلى أي من الجنسين.

يحدث مزيداً من التمايز الجنسي بعد التطوُّر الأولي للحلمات، بناءً على وجود الهرمونات الجنسية؛ ففي الإناث يُعزِّز هرمون الإستروجين نمو أنسجة الثدي ونمو الثدي، بينما في الذكور يمنع هرمون التستوستيرون نمو أنسجة الثدي، لكن الحلمات نفسها تبقى كما هي بالفعل.

لذلك، فإنَّ ظهور الحلمة عند الرجل يبدأ خلال الأسابيع الأولى من الحمل، قبل التمايز الجنسي وتطوُّر الأعضاء التناسلية الذكرية.

إقرأ أيضاً: 10 أسباب تقف وراء الإصابة سرطان الثدي

في الختام:

يُعدُّ وجود حلمات ذكورية مثالاً رائعاً على كيفية تشكيل التطور الجنيني المشترك والتاريخ التطوري للتشريح البشري؛ إذ توضح الطبيعة الأثرية لحلمات الذكور كيف يمكن للسمات البيولوجية أن تستمر مع مرور الوقت حتى عندما لم تَعُد تخدم غرضاً حيوياً، ويوفِّر فهم الاختلافات بين حلمات الذكور والإناث رؤى قَيِّمة عن ماضينا التطوري وتعقيد علم الأحياء البشري.




مقالات مرتبطة